متضامن بالكلية وأبصم بالعشرة مع النائبة غادة عجمى، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب فى سعيها الحميد لإقامة تحالف برلمانى للضغط على حكومة المهندس مصطفى مدبولى لاتخاذ قرار بمنع العاملات من ارتداء النقاب فى أماكن العمل الحكومية، والوزارات والإدارات الحكومية.
«عجمـى» لا تتزايد ولا تزايد ولا تغالى، ومنطوقها سليم، ومقترحها رشيد، وذهبت إليه حكومة الجزائر أخيرًا، يقينًا الظروف الأمنية التى تمر بها مصر، تعجل بمثل هذه القرارات الجريئة، فى ظل محاولات استهداف مؤسسات الدولة، وزياة معدلات الجريمة الجنائية والإرهابية من تحت النقاب، حيث أصبحت سلبيات النقاب لا تعد ولا تحصى مقارنة بأية إيجابيات.
تطالب النائبة بشجاعة لافتة بإعادة تطبيق قرار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، بشأن منع التدريس بالنقاب وخلع النقاب داخل المحاضرات، وفى المدرجات والقاعات والمعامل، وتطالب بتطبيق هذا القرار على كل الجامعات الحكومية وأيضًا الخاصة.
«أسمعت لو ناديت حيا/ ولكن لا حياة لمن تنادى».. أخشى أن النائبة الشجاعة تنفخ فى رماد، «ولو نار نفخت بها أضاءت/ ولكن أنت تنفخ فى رماد»، وللأسف غيرها ينفخ فى زبادى، يؤثرون السلامة، ويتجنبون المواجهة، ويبتعدون بمسافة آمنة عن خط التماس مع النقاب، وشعارهم «ابعد عن النقاب .. وغنيله»!
والبعض يتحجج بفقه الضروريات، وهل هذه مواجهة ضرورية والمشاكل والقضايا متلتلة، وهل المجتمع المصرى ناقص قضايا جدلية مع المنتقبات، ولماذا نفتعل قضية مفتعلة والقضايا المستوجبة على قفا من يشيل، وهل انتهت قائمة الأولويات حتى يتوفر رئيس الحكومة على قضية النقاب، وماضركم بالنقاب، ألا تتنادون بالحرية الشخصية والحرية الدينية، ومنها حرية اللباس، لماذا تتعنتون مع المنقبات وتتساهلون مع السافرات فى الطرقات، ألا ترون التحرش بات كالوباء!
ومن هذا كثير من اللغو المباح، وزيادة تكفير وتفسيق وشتم وسباب ولعان، ما يخشى منه أصحاب الأعصاب الخفيفة، فيجبنون عن المواجهة، ويتولون، ويولون الأدبار تحت قصف جبهة مخيف من سدنة النقاب والعاملين على نشره فى طريقهم لتنقيب المجتمع المصرى بعد تحجيبه سلفًا.
جدلية النقاب ماثلة فى حديث النائبة عجمى منقولا عن شيوخ وأئمة ذكرت منهم الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق «نموذج ومثال»، ليس من الفرائض الإسلامية، وحديث الفرائض لم ينسحب على النقاب ويرجع فى هذا إلى المراجع الدينية الأزهرية المعتبرة، والثابت أن الإسلام لا يفرض النقاب ولم يرفضه، والقاعدة الفقهية المعمول بها عند جمهرة العلماء «درء المفاسد أولى من جلب المصالح» رغم المحاولات الاجتهادية للتملص منها عند تساوى الضرر مع المنفعة عند بعض الأئمة إلا أن خطر النقاب بات ماثلا من مراجعة جملة القضايا والأحداث الإرهابية الأخيرة.
لا أتوقع تحركا حكوميا، الحكومة محكومة باعتبارات قاسية تجاه المد السلفى الذى يتوغل ويتمدد مخلفا خسائر محققة فى العقل الجمعى المصرى، ولكن على جماعة المستنيرين والتنويرين مساندة تحرك النائبة غادة عجمى، ولا يتركونها وحدها لقمة سائغة للضباع، ففى البرلمان لوبى سلفى سيدافع بشراسة عن النقاب، أقلة نواب حزب النور السلفى ومن تبعهم ولف لفهم، وأخشى أن تلتفت «عجمى» تجد نفسها وحيدة إلا من بعض المتحمسين لبرهة ما يلبثوا أن ينصرفوا لقضاء حاجات دوائرهم، أولى وأنفع فى حيازة شعبية فى الانتخابات المقبلة، وكثير منهم يرون أن مثل هذه القضايا من قبيل تضييع وقت البرلمان، ووقته ثمين، ولا يكفى لنظر قائمة الضروريات التى باتت تستنزف الجهد البرلمانى ولا تترك فسحة لمناقشة هذه القضايا التى يرونها مفتعلة من ناس فاضية تشغل دماغها بما لاينفع الناس.
مثل من يتنادون على منع النقاب مثل ما ورد فى قصيدة «قالت الأرض» للشاعر السورى أدونيس «سكّتى تنطح الصخور، وتمشى فى الأحافير، نَشْوةٌ وعراكا»..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة